الاتجاهات العامة :
(أ) على المستوى العالمي :
1. انتشار مفاهيم العولمة وأيديولوجيتها Globalism وإجراءات العولمة Globalization مثل اتفاقية الجات والشركات عابرة القارات وشبكات الاتصال العالمية والمؤتمرات الدولية مثل قمة الأرض.. ولقد تعدت العولمة نطاق الاقتصاد إلى السياسة والمجتمع والثقافة.. بل لقد أضحت العولمة الثقافية أخطرها.
2. اشتداد الصراع الثقافي وسيادة الثقافة في كل الميادين لأن التحدي الكبير الذي سيواجه العالم في السنوات القادمة هو تحد ثقافي بالأساس، إن النزعة قوية لدى بعض الثقافات لأن تفرض نفسها على غيرها من الثقافات مهمشة إياها، خاصة ثقافات البلاد النامية.
3. الهجرات الدولية وما تحدثه من بزوغ مجتمعات متعددة الثقافة ومتعددة العرق.
4. تفاقم الأمية حيث سيكون واحد من كل أربعة أفراد في العالم أميا، مع التركيز على تلازم الفقر والأمية
5. أثر التكنولوجيات الحديثة مثل الإعلاميات، والبيوتكنولوجية وصناعة المواد والألياف الجديدة وانعكاس ذلك الأثر على ثقافة المجتمع.
6. ازدياد الوعي بحقوق الإنسان والمطالبة بأن يحصل كل إنسان على ما دعت إليه الشرائع السماوية، وما أقرته المواثيق والبيانات المحلية والعالمية، والدعوة إلى التعامل مع الإنسان كإنسان وليس كأداة أو كشيء مثل غيره من الأشياء.. لقد سادت نظرية نشوء الإنسان فترة طويلة من الزمان، انتهكت فيه حقوقه، وصودرت مستحقاته، وخضع حتى في تلبية حاجاته الأساسية إلى ما يريده غيره وليس إلى ما يريده هو.. الإنسان الآن أصبح غاية.. وارتفعت شعارات حقوق الإنسان على مختلف الأصعدة، وشكلت اللجان والهيئات والجمعيات الحكومية والأهلية التي تدعو إلى تطبيق مواثيق حقوق الإنسان وتراقب تنفيذها. ليس معنى ذلك أن الصورة وردية بكاملها وأن الإنسان في هذا المجتمع سعيد بنفس القدر الذي يسعد فيه أخوه في مجتمع آخر.. ولكن الحديث عن حقوق الإنسان على أية حال صار أكثر من قبل وارتفع صوته عاليا.
7. حدوث طفرة هائلة في مجال الاتصال والإعلام أدت إلى :
أ) تعدد القنوات الفضائية وما يعنيه من تعدد المفاهيم والرؤى الثقافية وحرص كل منها على أن يجذب إليه الجمهور مما خلق بينها صراعا أكثر منه حوارا.
ب) الاختراق الثقافي لمفاهيم وقيم وعادات الثقافات والشعوب. فالعالم لم يصبح " قرية كونية " بل تحول إلى " غرفة كونية " على حد تعبير أحد المفكرين .. بل يؤثر صديقي الدكتور محمود أحمد السيد وزير التربية والتعليم بسوريا أن يسميها " فندقا صغيرا " حيث تنتفي مع عالمنا المعاصر قيم القرية وتقاليدها .
ج) تزايد نزعة المقارنة بين المسويات الحضارية عند أبناء الجيل الحالي، وغلبة روح التقليد للحضارة الغربية بماديتها وقيمها مما شكل خطرا أكيدا على قيم هذا الجيل ومستقبله الثقافي.
د) تمركز وسائل الإعلام في أيدي مجموعة صغيرة من البشر وهي المتحكمة في مضمون ما يبث فيها دون السماح لغيرها بالتسلل لهذه الوسائل ..
هـ) تفشي ظاهرة استخدام الإنترنت والتي تعتبر الوجه الآخر للعولمة والقوة الفاعلة لانتشارها. ولقد بلغ عدد مستخدميها في العالم في منتصف عام 2000 أكثر من 250 مليون فرد ويتزايد هذا العدد أسبوعيا بحوالي نصف مليون مستخدم، ولا يمثل عدد المستخدمين في البلدان النامية إلا نسبة قليلة قد لا تتعدى 10% بما فيهم المستخدمون في الوطن العربي.
(ب) على مستوى العالم الإسلامي :
1. اشتداد الصراع من أجل إحكام الطوق على الفرد المسلم والأمة الإسلامية من طرف مناهضي الإسلام من أعداء العدل والحرية.
2. اشتداد الغزو الإعلامي والفكري واللغوي مع تجنيد النخب المستفيدة منه كي تتبنى أصوله وتدافع عن محتواه وتوسع من دائرة خطابه.
3. عودة الفرد والمجتمع داخل الأمة الإسلامية إلى الأصول والتراث، وبحث كل منها عن تأكيد الذات والفرار من سلطان فقدان الهوية.
4. إلحاح الشعوب الإسلامية على الشورى وتوفير مناخ الحرية وسيادة الشرع والقانون والعدل.
5. اشتداد الدعوة للوحدة الإسلامية وانبثاق مؤسسات لصياغة مشروع إنجازها الفعلي والعملي.
الاتجاهات الثقافية والتربوية :
1. تعدد مصادر المعرفة وازدياد القنوات التي يتواصل الفرد فيها مع مراكز العلم والبحث والتي يقف من خلالها على مستجدات العصر مما يفرض سرعة التحرك لمواكبتها وعدم الاعتماد على المعلم وحده أو حتى المدرسة وحدها في تلقي المعرفة وتحصيل العلم، أصبح التعلم الذاتيSelf-instruction ضرورة وليس ترفا. أصبح مصدرا أساسيا من مصادر الأمن وليس مجرد وسيلة للتعلم . نحن في عصر أصبح العلم فيه مدخلا للتقدم وممهدا لطريق الحرية بكل أشكالها.. العلم الآن هو الحرية التي ننشدها والحلم الذي نتوق له.
وليس أمامنا في هذا المعترك إلا أن نأخذ بأسباب التقدم. ويأتي العلم على رأسها.
وفي الوقت الذي تستحيل فيه على المدرسة تعليم الإنسان كل شيء، وفي الوقت الذي تتسارع فيه المستجدات حتى أصبح المستقبل أمام الإنسان غامضا يصعب التنبؤ به.. وفي الوقت الذي تتراكم فيه المعرفة وتتضاعف.. ليس أمام الإنسان إلا أن يعلم نفسه بنفسه.. وليس له في ذلك خيار.
من هنا صارت برامج التعلم الذاتي في تعليم اللغات الأجنبية مطلبا ملحا لكثير من المراكز والمؤسسات.
2. تتبوأ اقتصاديات المعرفة مكانة هامة وأساسية بين غيرها من أشكال الاقتصاد، لقد اشتد الطلب خاصة في العقد الأخير على التعامل مع البرامجsoft-wares والآلات الأجهزة ard-wares التجارة الإلكترونية ومختلف الإمكانات التي تنتج المعرفة أو تيسر تبادلها. ولقد نتج عن هذا :
أ) ربط المعرفة بنتائجها، وما يسفر عن تطبيقها من منتجات.
ب) سرعة التطبيق لما تتفتق عنه أذهان المبدعين في هذا المجال. فلم تعد هناك مسافة بين الفكر والعمل، بين النظرية والتطبيق، بين الأيدلوجي والتكنولوجي.
ج) سن القوانين واللوائح التي تحرم أشكال الاعتداء على حقوق الآخرين في ذلك ( الملكية الفكرية وبراءات الاختراع ..).
د) التزايد المضطرد في إنتاج البرامج الكمبيوترية وغيرها من منتجات المعرفة المحضة، فضلا عن التفنن في توظيفها في عمليات التعلم والتعليم ..
هـ) ظهور ما يسمى بعلم العلم أو ما وراء العلم كما يطلق البعض، وتعميق النظرة إلى الأسس والمنهجيات وليس فقط العائد والمنتجات.
و) اتساع الهوة بين من يملك المعرفة ومن لا يملكها. وما كان لهذا كله أن يمر دون أن تنعكس آثاره على تعلم اللغات الأجنبية وتعليمها.
ز) التكامل بين المعرفة الأكاديمية المتخصصة والمهارات الوظيفية المرتبطة بها مثل التحليل والتركيب والنقد وحل المشكلات والكفاءة التكنولوجية ..
3. زيادة الاهتمام بالبعد الثقافي في تعليم اللغات الأجنبية. العلاقة بين اللغة والثقافة لم تعد محل جدل أو محور نقاش. إنهما كالعملة الواحدة ذات الوجهين. ولقد دفعت وثاقة العلاقة بينهما أن اعتبرت الثقافة مهارة خامسة تصاحب زميلاتها من المهارات اللغوية الأربع؛ الاستماع والكلام والقراءة والكتابة. ومع وضوح ذلك إلا أن بعض برامج تعليم اللغات الأجنبية وكتبها لم تعد تعطي هذا البعد اهتمامه الذي يستحقه؛ حتى دخلنا في عصر العولمة الذي شهد جهودا مكثفة من الدول المتقدمة، وأمريكا على وجه الخصوص، لتهميش الثقافات المحلية والتقليل من شأن الدول النامية والقوميات لحساب قومية عالمية في عالم القطب الواحد ..
والملاحظ أنه على نقيض ما تتمنى الثقافة الأجنبية العالمية الواحدة (الأمريكية) فإن الثقافات المحلية بدأت يشتد عودها وبدأ الإحساس بالذاتية الثقافية يتعاظم لدى الشعوب، واستجمع كل منها ما لديه من قوى لصد التيار القادم. فظهرت الدعوات إلى العودة للذات والترحم على الماضي والتمسك بالتقاليد التي بدأت تتحلل أمام التقاليد الوافدة .. وهذا كله فرض على برامج اللغات الأجنبية أن تعيد نظرتها للثقافة مفهوما وتعليما.
4. ارتفاع مستوى المهارات العقلية والأدائية التي صارت تلزم الإنسان المعاصر ليعيش في المجتمع المعاصر ويتواكب مع اتجاهات التطوير فيه. أصبح على الإنسان كي يضمن له موقعا في المجتمع، ناهيك أن يكون موقعا جيدا، أن يمتلك من مهارات التفكير والبحث والتحليل والنقد ما يؤهله لتحقيق آماله. وليس هذا في نطاق ملكات الإنسان فقط بل تعداه إلى مختلف أشكال الأداء : فلم يعد مجرد إنجاز العمل مطلبا أو غاية، بل أصبحت إجادته والوصول به إلى أقصى ما يستطيع الإنسان من إتقان هو المطلب والغاية. نحن الآن في عصر التميز.. عصر الجودة الشاملة وليس عصر " ليس في الإمكان أبدع مما كان " ولهذا بالطبع انعكاساته على تعليم اللغات الأجنبية .. أصبحت مهارات التفكير الناقد والإبداعي والتأملي والعلمي والتحليلي وحل المشكلات والاستقصاء.. أصبحت هذه كلها موطن الاهتمام في برامج تعليم اللغات الأجنبية ولم يعد الأمر مقتصرا فيها على تعلم نطق كلمات أو تركيب جمل..
5. النظرة التكاملية في تعليم المهارات الإنسانية في مختلف المجالات. لقد سادت حتى وقت قريب نظرية التحليل الدقيق للمهارات والتجزئة لما يقدم فيها من برامج التدريب ومناهج التعليم، وذلك منذ قدم سمبسون وزملاؤه تصورهم للمجال النفسي حركيpsychomotor domain واختلف الموقف الآن. وأصبحت النظرية التكاملية integrative والتحليل الكليmacro في مقابل النظرية التجزيئية والتحليل التفصيليicroـanalysis صار من مكونات عملية تعلم اللغات ما يسمى بتحليل الخطاب discourse-analysis تحليـل الأعراف والـتقاليد الـثـقـافـية والاجتماعية socio-cultural وغيرها من أشكال التحليل الكلي للظواهر. وكان لا بد أن ينعكس هذا على تعليم اللغات الأجنبية بشكل عام وتعليمها لأغراض خاصة بشكل خاص!.
6. تحول الاهتمام من التعليم إلى التعلم. لم يعد محور الاهتمام الآن جهد المعلم في الفصل قدر ما أصبح ما يسفر عنه هذا الجهد عند المتعلم نفسه.. صار المتعلم وما يتوفر لديه من معلومات وقيم واتجاهات ومهارات هو معيار العملية التعليمية الأساسي .. ولقد كثرت البرامج التي تركز على الدور الإيجابي للمتعلم بعد أن كان سلبيا فيما مضى، وفي مجال تعليم اللغات الأجنبية تتعدد برامج تدريس الأقران peer teaching والتدريس التشاركي participatory وغير ذلك من برامج تؤكد على المتعلمين أفرادا وجماعات. لقد حلت النظرية البنائية Constructive في التعلم والتي تؤكد على دور المتعلم وإيجابيته وقدرته على أن يتعلم بنفسه، وعلى قيمة صناعة المعنى meaning making.. حلت هذه النظرية محل النظرية السلوكيةbehavioristic التي كانت تؤكد على نمطية السلوك ووحدة الاتجاه تقريبا (مثيرـ استجابة) وعلى التكرار أساسا في تعلم اللغة ..
7. التقدم الهائـل في أبحاث علم النفـس التربوي خاصة فـي مجال معالجة المعلومات information processing وأنماط التعلم learning styles. لقد جدت في هذه الساحة نظريات كثيرة وظهرت تجارب غيَرت كثيرا مما ألفه الباحثون حول التعليم وآلياته، وما يدور في عقل الإنسان عند تلقي المعلومات وآليات اكتساب اللغة الأجنبية وغير ذلك من أفكار ونظريات تزخر بها الكتب الحديثة في علم اللغة النفسي. وكان لابد أن ينعكس هذا على طريقة تدريس اللغة داخل الفصل.
8. التقدم الهائل أيضا في دراسات الشخصية والتجارب التي عالجت القضايا المختلفة الخاصة بالنمو الإنساني والتي أجمع الكثير منها على أن البعد وجدانيaffective domain من أكثر الأبعاد أهمية في تعلم الإنسان. ليس فقط في تلقي المعرفة وإنما في إنتاجها. الإنسان تحكمه عواطف وميول واتجاهات وقيم. ولقد كان من المتوقع أن تتزامن مع هذه النظريات نظريات أخرى في تعليم اللغات الأجنبية تركز على البعد الوجداني في تعلمها وتعليمها. فصرنا نسمع عن التدريس الوجداني affective teaching للغات الأجنبية والتدريس التأمليreflective والتدريس التفاعلي interactive والمدخل الإنساني humanistic approach والمدخل الكلي holistic والتدريس الإرشاديcounselling وصار الاهتمام بالمتعلم كإنسان.
9. تنوع أساليب التقويم، فلم تعد المدارس والمعاهد والجامعات أسيرة للاختبارات التحصيلية أو الأشكال التقليدية التي يقاس بها مدى تقدم الطالب. صار هناك اهتمام بالتقويم الذاتي Self-assessment ، وتقدير الحاجات needs-assessment والسجل التقويمي portfolio، فضلا عن شمول التقويم وتغطية مختلف جوانب التقدم عند الفرد بما في ذلك قراءاته الخارجية، وميوله واهتماماته المتجددة، وثقافته العامة وغيرها.
ولهذا بالطبع مردوده في برامج تعليم اللغات الأجنبية، ووجد طريقه سهلا. فتعددت الكتابات حول التقويم الذاتي والسجل التقويمي في هذا المجال.
والله نسئل ان يعيننا ويجعلنا هداة مهتدين في شتى نواحي الحياة وهو ولي التوفيق.
(أ) على المستوى العالمي :
1. انتشار مفاهيم العولمة وأيديولوجيتها Globalism وإجراءات العولمة Globalization مثل اتفاقية الجات والشركات عابرة القارات وشبكات الاتصال العالمية والمؤتمرات الدولية مثل قمة الأرض.. ولقد تعدت العولمة نطاق الاقتصاد إلى السياسة والمجتمع والثقافة.. بل لقد أضحت العولمة الثقافية أخطرها.
2. اشتداد الصراع الثقافي وسيادة الثقافة في كل الميادين لأن التحدي الكبير الذي سيواجه العالم في السنوات القادمة هو تحد ثقافي بالأساس، إن النزعة قوية لدى بعض الثقافات لأن تفرض نفسها على غيرها من الثقافات مهمشة إياها، خاصة ثقافات البلاد النامية.
3. الهجرات الدولية وما تحدثه من بزوغ مجتمعات متعددة الثقافة ومتعددة العرق.
4. تفاقم الأمية حيث سيكون واحد من كل أربعة أفراد في العالم أميا، مع التركيز على تلازم الفقر والأمية
5. أثر التكنولوجيات الحديثة مثل الإعلاميات، والبيوتكنولوجية وصناعة المواد والألياف الجديدة وانعكاس ذلك الأثر على ثقافة المجتمع.
6. ازدياد الوعي بحقوق الإنسان والمطالبة بأن يحصل كل إنسان على ما دعت إليه الشرائع السماوية، وما أقرته المواثيق والبيانات المحلية والعالمية، والدعوة إلى التعامل مع الإنسان كإنسان وليس كأداة أو كشيء مثل غيره من الأشياء.. لقد سادت نظرية نشوء الإنسان فترة طويلة من الزمان، انتهكت فيه حقوقه، وصودرت مستحقاته، وخضع حتى في تلبية حاجاته الأساسية إلى ما يريده غيره وليس إلى ما يريده هو.. الإنسان الآن أصبح غاية.. وارتفعت شعارات حقوق الإنسان على مختلف الأصعدة، وشكلت اللجان والهيئات والجمعيات الحكومية والأهلية التي تدعو إلى تطبيق مواثيق حقوق الإنسان وتراقب تنفيذها. ليس معنى ذلك أن الصورة وردية بكاملها وأن الإنسان في هذا المجتمع سعيد بنفس القدر الذي يسعد فيه أخوه في مجتمع آخر.. ولكن الحديث عن حقوق الإنسان على أية حال صار أكثر من قبل وارتفع صوته عاليا.
7. حدوث طفرة هائلة في مجال الاتصال والإعلام أدت إلى :
أ) تعدد القنوات الفضائية وما يعنيه من تعدد المفاهيم والرؤى الثقافية وحرص كل منها على أن يجذب إليه الجمهور مما خلق بينها صراعا أكثر منه حوارا.
ب) الاختراق الثقافي لمفاهيم وقيم وعادات الثقافات والشعوب. فالعالم لم يصبح " قرية كونية " بل تحول إلى " غرفة كونية " على حد تعبير أحد المفكرين .. بل يؤثر صديقي الدكتور محمود أحمد السيد وزير التربية والتعليم بسوريا أن يسميها " فندقا صغيرا " حيث تنتفي مع عالمنا المعاصر قيم القرية وتقاليدها .
ج) تزايد نزعة المقارنة بين المسويات الحضارية عند أبناء الجيل الحالي، وغلبة روح التقليد للحضارة الغربية بماديتها وقيمها مما شكل خطرا أكيدا على قيم هذا الجيل ومستقبله الثقافي.
د) تمركز وسائل الإعلام في أيدي مجموعة صغيرة من البشر وهي المتحكمة في مضمون ما يبث فيها دون السماح لغيرها بالتسلل لهذه الوسائل ..
هـ) تفشي ظاهرة استخدام الإنترنت والتي تعتبر الوجه الآخر للعولمة والقوة الفاعلة لانتشارها. ولقد بلغ عدد مستخدميها في العالم في منتصف عام 2000 أكثر من 250 مليون فرد ويتزايد هذا العدد أسبوعيا بحوالي نصف مليون مستخدم، ولا يمثل عدد المستخدمين في البلدان النامية إلا نسبة قليلة قد لا تتعدى 10% بما فيهم المستخدمون في الوطن العربي.
(ب) على مستوى العالم الإسلامي :
1. اشتداد الصراع من أجل إحكام الطوق على الفرد المسلم والأمة الإسلامية من طرف مناهضي الإسلام من أعداء العدل والحرية.
2. اشتداد الغزو الإعلامي والفكري واللغوي مع تجنيد النخب المستفيدة منه كي تتبنى أصوله وتدافع عن محتواه وتوسع من دائرة خطابه.
3. عودة الفرد والمجتمع داخل الأمة الإسلامية إلى الأصول والتراث، وبحث كل منها عن تأكيد الذات والفرار من سلطان فقدان الهوية.
4. إلحاح الشعوب الإسلامية على الشورى وتوفير مناخ الحرية وسيادة الشرع والقانون والعدل.
5. اشتداد الدعوة للوحدة الإسلامية وانبثاق مؤسسات لصياغة مشروع إنجازها الفعلي والعملي.
الاتجاهات الثقافية والتربوية :
1. تعدد مصادر المعرفة وازدياد القنوات التي يتواصل الفرد فيها مع مراكز العلم والبحث والتي يقف من خلالها على مستجدات العصر مما يفرض سرعة التحرك لمواكبتها وعدم الاعتماد على المعلم وحده أو حتى المدرسة وحدها في تلقي المعرفة وتحصيل العلم، أصبح التعلم الذاتيSelf-instruction ضرورة وليس ترفا. أصبح مصدرا أساسيا من مصادر الأمن وليس مجرد وسيلة للتعلم . نحن في عصر أصبح العلم فيه مدخلا للتقدم وممهدا لطريق الحرية بكل أشكالها.. العلم الآن هو الحرية التي ننشدها والحلم الذي نتوق له.
وليس أمامنا في هذا المعترك إلا أن نأخذ بأسباب التقدم. ويأتي العلم على رأسها.
وفي الوقت الذي تستحيل فيه على المدرسة تعليم الإنسان كل شيء، وفي الوقت الذي تتسارع فيه المستجدات حتى أصبح المستقبل أمام الإنسان غامضا يصعب التنبؤ به.. وفي الوقت الذي تتراكم فيه المعرفة وتتضاعف.. ليس أمام الإنسان إلا أن يعلم نفسه بنفسه.. وليس له في ذلك خيار.
من هنا صارت برامج التعلم الذاتي في تعليم اللغات الأجنبية مطلبا ملحا لكثير من المراكز والمؤسسات.
2. تتبوأ اقتصاديات المعرفة مكانة هامة وأساسية بين غيرها من أشكال الاقتصاد، لقد اشتد الطلب خاصة في العقد الأخير على التعامل مع البرامجsoft-wares والآلات الأجهزة ard-wares التجارة الإلكترونية ومختلف الإمكانات التي تنتج المعرفة أو تيسر تبادلها. ولقد نتج عن هذا :
أ) ربط المعرفة بنتائجها، وما يسفر عن تطبيقها من منتجات.
ب) سرعة التطبيق لما تتفتق عنه أذهان المبدعين في هذا المجال. فلم تعد هناك مسافة بين الفكر والعمل، بين النظرية والتطبيق، بين الأيدلوجي والتكنولوجي.
ج) سن القوانين واللوائح التي تحرم أشكال الاعتداء على حقوق الآخرين في ذلك ( الملكية الفكرية وبراءات الاختراع ..).
د) التزايد المضطرد في إنتاج البرامج الكمبيوترية وغيرها من منتجات المعرفة المحضة، فضلا عن التفنن في توظيفها في عمليات التعلم والتعليم ..
هـ) ظهور ما يسمى بعلم العلم أو ما وراء العلم كما يطلق البعض، وتعميق النظرة إلى الأسس والمنهجيات وليس فقط العائد والمنتجات.
و) اتساع الهوة بين من يملك المعرفة ومن لا يملكها. وما كان لهذا كله أن يمر دون أن تنعكس آثاره على تعلم اللغات الأجنبية وتعليمها.
ز) التكامل بين المعرفة الأكاديمية المتخصصة والمهارات الوظيفية المرتبطة بها مثل التحليل والتركيب والنقد وحل المشكلات والكفاءة التكنولوجية ..
3. زيادة الاهتمام بالبعد الثقافي في تعليم اللغات الأجنبية. العلاقة بين اللغة والثقافة لم تعد محل جدل أو محور نقاش. إنهما كالعملة الواحدة ذات الوجهين. ولقد دفعت وثاقة العلاقة بينهما أن اعتبرت الثقافة مهارة خامسة تصاحب زميلاتها من المهارات اللغوية الأربع؛ الاستماع والكلام والقراءة والكتابة. ومع وضوح ذلك إلا أن بعض برامج تعليم اللغات الأجنبية وكتبها لم تعد تعطي هذا البعد اهتمامه الذي يستحقه؛ حتى دخلنا في عصر العولمة الذي شهد جهودا مكثفة من الدول المتقدمة، وأمريكا على وجه الخصوص، لتهميش الثقافات المحلية والتقليل من شأن الدول النامية والقوميات لحساب قومية عالمية في عالم القطب الواحد ..
والملاحظ أنه على نقيض ما تتمنى الثقافة الأجنبية العالمية الواحدة (الأمريكية) فإن الثقافات المحلية بدأت يشتد عودها وبدأ الإحساس بالذاتية الثقافية يتعاظم لدى الشعوب، واستجمع كل منها ما لديه من قوى لصد التيار القادم. فظهرت الدعوات إلى العودة للذات والترحم على الماضي والتمسك بالتقاليد التي بدأت تتحلل أمام التقاليد الوافدة .. وهذا كله فرض على برامج اللغات الأجنبية أن تعيد نظرتها للثقافة مفهوما وتعليما.
4. ارتفاع مستوى المهارات العقلية والأدائية التي صارت تلزم الإنسان المعاصر ليعيش في المجتمع المعاصر ويتواكب مع اتجاهات التطوير فيه. أصبح على الإنسان كي يضمن له موقعا في المجتمع، ناهيك أن يكون موقعا جيدا، أن يمتلك من مهارات التفكير والبحث والتحليل والنقد ما يؤهله لتحقيق آماله. وليس هذا في نطاق ملكات الإنسان فقط بل تعداه إلى مختلف أشكال الأداء : فلم يعد مجرد إنجاز العمل مطلبا أو غاية، بل أصبحت إجادته والوصول به إلى أقصى ما يستطيع الإنسان من إتقان هو المطلب والغاية. نحن الآن في عصر التميز.. عصر الجودة الشاملة وليس عصر " ليس في الإمكان أبدع مما كان " ولهذا بالطبع انعكاساته على تعليم اللغات الأجنبية .. أصبحت مهارات التفكير الناقد والإبداعي والتأملي والعلمي والتحليلي وحل المشكلات والاستقصاء.. أصبحت هذه كلها موطن الاهتمام في برامج تعليم اللغات الأجنبية ولم يعد الأمر مقتصرا فيها على تعلم نطق كلمات أو تركيب جمل..
5. النظرة التكاملية في تعليم المهارات الإنسانية في مختلف المجالات. لقد سادت حتى وقت قريب نظرية التحليل الدقيق للمهارات والتجزئة لما يقدم فيها من برامج التدريب ومناهج التعليم، وذلك منذ قدم سمبسون وزملاؤه تصورهم للمجال النفسي حركيpsychomotor domain واختلف الموقف الآن. وأصبحت النظرية التكاملية integrative والتحليل الكليmacro في مقابل النظرية التجزيئية والتحليل التفصيليicroـanalysis صار من مكونات عملية تعلم اللغات ما يسمى بتحليل الخطاب discourse-analysis تحليـل الأعراف والـتقاليد الـثـقـافـية والاجتماعية socio-cultural وغيرها من أشكال التحليل الكلي للظواهر. وكان لا بد أن ينعكس هذا على تعليم اللغات الأجنبية بشكل عام وتعليمها لأغراض خاصة بشكل خاص!.
6. تحول الاهتمام من التعليم إلى التعلم. لم يعد محور الاهتمام الآن جهد المعلم في الفصل قدر ما أصبح ما يسفر عنه هذا الجهد عند المتعلم نفسه.. صار المتعلم وما يتوفر لديه من معلومات وقيم واتجاهات ومهارات هو معيار العملية التعليمية الأساسي .. ولقد كثرت البرامج التي تركز على الدور الإيجابي للمتعلم بعد أن كان سلبيا فيما مضى، وفي مجال تعليم اللغات الأجنبية تتعدد برامج تدريس الأقران peer teaching والتدريس التشاركي participatory وغير ذلك من برامج تؤكد على المتعلمين أفرادا وجماعات. لقد حلت النظرية البنائية Constructive في التعلم والتي تؤكد على دور المتعلم وإيجابيته وقدرته على أن يتعلم بنفسه، وعلى قيمة صناعة المعنى meaning making.. حلت هذه النظرية محل النظرية السلوكيةbehavioristic التي كانت تؤكد على نمطية السلوك ووحدة الاتجاه تقريبا (مثيرـ استجابة) وعلى التكرار أساسا في تعلم اللغة ..
7. التقدم الهائـل في أبحاث علم النفـس التربوي خاصة فـي مجال معالجة المعلومات information processing وأنماط التعلم learning styles. لقد جدت في هذه الساحة نظريات كثيرة وظهرت تجارب غيَرت كثيرا مما ألفه الباحثون حول التعليم وآلياته، وما يدور في عقل الإنسان عند تلقي المعلومات وآليات اكتساب اللغة الأجنبية وغير ذلك من أفكار ونظريات تزخر بها الكتب الحديثة في علم اللغة النفسي. وكان لابد أن ينعكس هذا على طريقة تدريس اللغة داخل الفصل.
8. التقدم الهائل أيضا في دراسات الشخصية والتجارب التي عالجت القضايا المختلفة الخاصة بالنمو الإنساني والتي أجمع الكثير منها على أن البعد وجدانيaffective domain من أكثر الأبعاد أهمية في تعلم الإنسان. ليس فقط في تلقي المعرفة وإنما في إنتاجها. الإنسان تحكمه عواطف وميول واتجاهات وقيم. ولقد كان من المتوقع أن تتزامن مع هذه النظريات نظريات أخرى في تعليم اللغات الأجنبية تركز على البعد الوجداني في تعلمها وتعليمها. فصرنا نسمع عن التدريس الوجداني affective teaching للغات الأجنبية والتدريس التأمليreflective والتدريس التفاعلي interactive والمدخل الإنساني humanistic approach والمدخل الكلي holistic والتدريس الإرشاديcounselling وصار الاهتمام بالمتعلم كإنسان.
9. تنوع أساليب التقويم، فلم تعد المدارس والمعاهد والجامعات أسيرة للاختبارات التحصيلية أو الأشكال التقليدية التي يقاس بها مدى تقدم الطالب. صار هناك اهتمام بالتقويم الذاتي Self-assessment ، وتقدير الحاجات needs-assessment والسجل التقويمي portfolio، فضلا عن شمول التقويم وتغطية مختلف جوانب التقدم عند الفرد بما في ذلك قراءاته الخارجية، وميوله واهتماماته المتجددة، وثقافته العامة وغيرها.
ولهذا بالطبع مردوده في برامج تعليم اللغات الأجنبية، ووجد طريقه سهلا. فتعددت الكتابات حول التقويم الذاتي والسجل التقويمي في هذا المجال.
والله نسئل ان يعيننا ويجعلنا هداة مهتدين في شتى نواحي الحياة وهو ولي التوفيق.
Tidak ada komentar:
Posting Komentar